صندوق النقد العربي ينظم ورشة عمل بعنوان " التحديات الراهنة التي تواجھها المصارف المركزیة: تفاعل السياستين النقدیة والمالیة"

صندوق النقد العربي
صندوق النقد العربي

ألقى أمس الاثنين معالي الدكتور عبدالرحمن بن عبدالله الحميدي، المدير العام رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي، كلمة في ورشة رفيعة المستوى حول التحديات الراهنة التي تواجهها المصارف المركزیة: تفاعل السياستين النقدیة والمالیة، التي نظمها صندوق النقد العربي بالتعاون مع بنك الجزائر وصندوق النقد الدولي بمدينة الجزائر بالجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية المصاحبة للاجتماع السنوي السابع والأربعين لمجلس محافظي المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية.

قال الحميدي أن الورشة تأتي في إطار الحرص على معالجة بعض القضايا التي تواجهها البنوك المركزية في المنطقة العربية وتعميق فهمنا للتفاعل بين السياستين النقدية والمالية من أجل تحقيق التنمية المستدامة في دولنا العربية.

وأشار إلى تطور التحديات التي تواجه البنوك المركزية والحكومات منذ أن شهد الاقتصاد العالمي تحولات جذرية، بداية من الأزمة المالية في عام 2008 إلى جائحة كورونا والتبعات المستمرة الناجمة عنها وصولاً إلى التطورات العالمية الراهنة، وما رافقها من ارتفاع وعدم استقرار كبير في أسعار الأغذية والطاقة. هذه التحولات الجذرية ساهمت في تنامي دور البنوك المركزية في المحافظة على الاستقرار النقدي والاقتصادي والمالي وظهر ذلك جلياً في استخدام البنوك المركزية بكثافة لأدواتها التقليدية، واستحداث أدوات جديدة وتوسع حجم ميزانياتها. وفي المقابل تنامى دور المالية العامة والحكومات في دعم الاستقرار الاقتصادي والتعافي ومواجهة تبعات الجائحة وحماية الطبقات الهشة من آثار ارتفاع السلع الأساسية، الأمر الذي نشأ عنه في معظم الأحيان، ارتفاع ملموس في حجم المديونية وكلفة خدمتها. هذه التطورات جعلت حجم التفاعل بين السياستين النقدية والمالية أكبر حجماً وأكثر تأثيراً. 
فيما أوضح أنه لم تكن المنطقة العربية بمنأى عن هذه التحديات، حيث أصبح التفاعل بين السياستين النقدية والمالية أكثر وضوحاً من أي وقت مضى. واليوم، نود أن نسلط الضوء على التحديات المتعلقة بذلك ونحاول مناقشة كيفية التعامل معها بصورة تعزز من الاستقرار الاقتصادي.
وأشار الدكتور الحميدي، أن البنوك المركزية العربية تلعب دائماً دوراً فعالاً في تشكيل المسار الاقتصادي للدول من خلال إدارة السياسة النقدية، مبيّناً أنها كانت ثابتة في إلتزامها بالحفاظ على استقرار الأسعار، منوهاً على أهمية أن تأخذ هذه البنوك في الاعتبار تأثير السياسة المالية على تحقيق هذا الهدف. 
وأكد الحميدي أن قدرة البنوك المركزية على تحقيق أهدافها يرتبط بقدرتها على التفاعل الفعّال مع متغيرات السياسة المالية، مبيّنا أن التفاعل بين السياستين النقدية والمالية أضحى يشكل أهمية بالغة، مشيراً أنه يمكن للبنوك المركزية أن تتواصل بشكل فعّال مع السلطات المالية لشرح إطار عمل السياسة النقدية وتفاعله مع المتغيرات الاقتصادية المختلفة بما فيها السياسة المالية.
وأضاف أن معظم التضخم في المنطقة العربية ناتج عن عوامل خارجية، مثل ارتفاع أسعار الطاقة أو الغذاء، وليس ناشئاً عن قوة الطلب المحلي، منوهاً في هذا الصدد أن البنوك المركزية في الدول العربية كانت مضطرة لرفع أسعار الفائدة بما ينسجم مع تطورات أسعار الفائدة العالمية، للحفاظ على استقرار أسعار الصرف والتدفقات الرأسمالية، واستقرار معدلات التضخم على مستويات متدنية. 
كما أكد معاليه كذلك أن وضوح وشفافية إطار عمل السياسة النقدية وتوفير الرأي الفني من قبل البنوك المركزية لآفاق الدين واستمراريته، يعتبر من العوامل الهامة التي تساعد على تفاعل بين السياستين بخدمة أهداف الاستقرار الاقتصادي والنمو.
من جانب آخر، أوضح معالي المدير العام رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي أن بعض الدول العربية لا تزال تعتمد بشكل كبير على عائدات النفط، مما يجعل اقتصاداتها عرضة لتقلبات أسعار النفط العالمية، مشيراً في هذا الصدد إلى الدور الذي يمكن تلعبه البنوك المركزية في مواجهة هذا التحدي من خلال تنفيذ السياسات التي تشجع التنويع في القطاعات غير النفطية. 
كذلك أشار الحميدي إلى أهمية عمل البنوك المركزية والحكومات جنباً إلى جنب لمواجهة التحديات الاقتصادية من خلال الحوار المنتظم ووضع أهداف واضحة، مؤكداً إن أوجه التعاون والتفاعل الفعّال المشار لها سابقاً لا تعني بأي صورة تخلي البنوك المركزية عن استقلالية السياسة النقدية أو التأثير على هذه السياسة.